وقفات في ذكرى الهجرة النبوية للمهاجرين من أحرار الإمارات وأحرار العالم
وقفات في ذكرى الهجرة النبوية للمهاجرين من أحرار الإمارات وأحرار العالم
تاريخ النشر: - مقالات عامة

 وقفات في ذكرى الهجرة النبوية للمهاجرين من أحرار الإمارات وأحرار العالم قال اللّه تعالى "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) الدعوة إلى الله مرتبطة إرتباط دائم بالابتلاء ، فجلال أجر الدعوة يتطلب قناعة تامة لاتزول ولاتتزعزع رغم الظروف والمحن التي يمر فيها الداعية في طريقه إلى الله ، ولكن حينما يزداد طغيان وفساد من يعادون الدعوة الى الله بالتعذيب والضرب والحبس شرع الله للمؤمنين الهجرة فراراً من الطغيان والتعذيب ، حتى لايفتن الإنسان في دينه ومبدئه ، فحتى الهجرة لم تكن أمرًا سهلاً ميسورًا، ولم يكن ترك الانسان لموطنه إلى بلد آخر ستكون ظروفه هناك أفضل، ولن تكن أمواله أكثر، هي ليست عقد عمل بأجر أعلى، الهجرة تعني ترك الديار، وترك الأموال، وترك الأعمال، وترك الذكريات، الهجرة كانت فراراً بالدين والمبدأ ، لحياة جديدة، لا شك أنها ستكون شاقة، وشاقة جدًّا ، ولكن بعد المشقة فرج وبعد الضيق سعة ، يقول تعالى " ومَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً " وفي ذكرى الهجرة لنا مع الهجرة وقفات : الوقفة الأولى : حتى لايقول قائل بأنك تشبهنا بالكافرين أقول إنما أشبهكم بالظالمين فالظلم لادين له ، وإن الله يستجيب لدعوة المظلوم وإن كان كافراً ، وكما قال ابن تيمية يزيل الله الدولة الظالمة وان كانت مسلمة وتدوم الدولة الكافرة بالعدل " فالهجرة لم تشرع للخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام وإنما شرعت للخروج من دار الظلم والطغيان التي يفتن فيها المسلم عن دينه ، لذلك رأينا هجرة الحبشة الأولى والثانية بعد أن قاسى المؤمنون أشد أنواع الأذى والتعذيب على أيدي طغاة قريش أمرهم النبي بالهجرة سراً إلى الحبشة وحيث كانت على دين النصارى ، ولكن قال رسولنا صلى الله عليه وسلم " إن فيها ملك لايظلم عنده أحداً " فالهجرة للحبشة كانت هروب من الظلم والطغيان إلى العدل والأمان . الوقفة الثانية: هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه كانت سراً وتخفياً حتى لايعلم بهم المجرمون فيمنعونهم منها ، فلما نجوا من بطشهم ووصلوا لأرض الهجرة سماهم المجرمون فارين " هاربين" ولكن الله جل جلاله سماهم المهاجرين إلى الله ورسوله ، " ومَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا." فلاعبرة بما يطلقه عليك المجرمين وزبانيتهم من ألفاظ وأوصاف عندما تكون هجرتك لله ولرسوله. الوقفة الثالثة: رغم أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته هم الذي خرجوا من مكة حيث كان الظالمين يحكمونها بالحديد والنار إلا أن الله جل جلاله قال عنهم " إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ" وقال أيضاً " وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ.* )) فالظالمون هم من أخرجوا المؤمنون من ديارهم وأموالهم بظلمهم وتعديهم وتعذيبهم للمؤمنين ، فلو لم يكن الظلم والتعذيب لما هاجر الصحابة تاركين أموالهم وديارهم مستغنين عن كل متاع الدنيا في رضى الله وطاعة لرسوله. وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم مودعاً مكة " والله انك لأحب البقاع إلي ولو أن قومك أخرجوني منك ماخرجت " فهم أخرجوه بالظلم والتضييق عليه وعلى أصحابه . الوقفة الرابعة: شهدت هجرة الصحابة صنوف من التضحيات والبطولات ، فهذا صهيب الرومي يصادر المجرمون أمواله ، وهذه أم سلمة يمنعونها من زوجها وابنها لسنة كاملة بعد ذلك ترق قلوب المشركين فيرسلونها لزوجها مع ابنها ، فمانراه اليوم من مصادرة لأموال الدعاة من أحرار الإمارات المهاجرين وتهديد أهاليهم وترويعهم ومنع زوجاتهم وابنائهم لسنوات من لقائهم بمنعهم من السفر ومصادرة وثائقهم انتقاماً من كلمة حق قالوها لأجل رضى الله ورسوله يجعلنا نستدعي صورة المجرمين الظالمين الأوائل الذين اتصفوا بشيء من نخوة العرب افتقدها المجرمين اليوم ، كما يجعلنا نستذكر قصة كفاح وصبر وتضحية الأبطال من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم . الوقفة الخامسة : المهاجر إلى الله منتصر وإن عانى من المشاق والمصاعب في بداية أمره إلا أن عاقبة أمره يسر وتوفيق وسعة في الرزق في الدنيا وفوز ونجاح في الآخرة حتى وإن انقضى أجله وهو في هجرته ، قال الله تعالى "ومَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا." وقال تعالى"وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "