ثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
تاريخ النشر: - مقالات عامة

ثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

"فيديو المواطنة" الذي أثار جدل كبيراً في المجتمع الإماراتي منذ أيام بين مؤيد ومعارض وماتبعه من انتقادات للمواطنة التي ثارت لأجل قيم المجتمع والذي ظهر واضحاً في التسجيل حرقتها من الاستهتار الحاصل من قبل السياح والمقيمين بقضية الاحتشام والتعري التي طال انتظار القانون الحاسم فيها بعد أن تمادى الأجانب والسياح في استفزاز أهل البلاد ودينهم وقيمهم ..

فيديو المواطنة أثار عدة تساؤلات خصوصا موقف الحكومة والإعلام الرسمي من الفيديو حيث تعمدت الاجتزاء والنظر إلى زاوية واحدة حتى وصل بهم الحد الى تجريم فعل المواطنة التي لم تعد تطيق لاهي ولا غيرها هذه المناظر التي تخدش الحياة والحياء .. فتركيز الإعلام الرسمي وشرطة دبي على الناصحة والتوعد بمحاسبتها وترك من قامت بارتكاب الفعل الشنيع بحق المجتمع في تعري علني وظاهر يجعلنا نضع تساؤلات عديدة حول ثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يجرمها من ينتقد المواطنة حيث كان أول انتقاد لها أنها لم تحصل على تصريح !!

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لايحتاج إلى تصريح بل هو واجب على كل مسلم متى ماوقع المنكر ولم يجد من ينكره غيره وهو قادر على انكاره فإن لم ينكره فهو آثم ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان ) رواه مسلم .

وفي حديث آخر:

"إنَّ من أُمَّتِي قومًا يُعطوْنَ مثلَ أجورِ أوَّلِهم ، يُنكرون المنكرَ" صححه الالباني

كما أن تشجيع الناس في المجتمع على التناصح في ما بينهم أمر ممدوح ومحمود فقد ذم الله تعالى بني إسرائيل حين وصفهم بأنهم كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ (78) كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ (79)"

فالمجتمع الذي تسود فيه ثقافة النصيحة وثقافة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مجتمع حي متجدد لاتتراكم فيه الأخطاء ولايسود فيه جو الفحش والبذاءة فحين يستشعر الناس المسؤولية تجاه المجتمع الذي يعيشون فيه تجد التطور الأخلاقي والنمو الإجتماعي والسلوك السوي ..

 الدعوات التي تطالب الحكومة بهذا الدور تجانب الصواب فالمسؤولية مجتمعية في الأساس ويأتي دور الدولة في تنظيم القوانين ومحاسبة المقصرين المتجاوزين للقانون .. هي ليست دعوة للفوضى بل هي دعوة للنظام الذي يجعل كل فرد حارس لقيم المجتمع وحامٍ لها ..

ومن المواقف الطريفة في موضوع "المسؤولية المجتمعية" أن جهاز الأمن الإماراتي عندما يجند المواطنين للتجسس على بعضهم البعض يقول لهم يجب ان تثبت وطنيتك واخلاصك للوطن فكلكم رجال أمن ويطلب من المجند أن ينقل لهم الأخبار بل ويطلب من البعض الرد والردح بأسوء الأخلاق وأرذلها ضد من يخالف توجهات الحكومة سواء في مواقع التواصل الاجتماعي او في غيرها من باب الغيرة على الوطن والحكام ولكن الغيرة على الدين والأخلاق ففيها نظر ..

لذلك تجدهم عند قضايا القيم والأخلاق والدين يقولون هذا تخصص الحكومة وتحتاج أن تحصل على ترخيص..!

فإحدى أساليب المنع هو طلب الحصول على إذن أو ترخيص ..

هذه الازدواجية لها دلالة أخرى تكشف الستار عن توجه لدى المتنفذين حريص على استمرار هذا الوضع المتردي في جانب القيم والأخلاق مع تحذير صريح للمواطنين من الاعتراض على هذا الأمر أو الانكار على السياح والزائرين الذين يضربون بقيم المجتمع عرض الحائط ..

نعود للمواطنة ..

المواطنة إمرأة شهمة غيورة على دينها وقيمها أصابت في إنكار المنكر وأخطأت في الأسلوب .. كان الأولى من الإعلام الموجه من قبل الحكومة أن يشيد بها ويشجعها ويدعو للاقتداء بها لكي تتعزز هذه الثقافة التي نحتاجها في مجتمعاتنا وفي نفس الوقت ينبه على الأسلوب الخطأ الذي مارسته .. فالمشكلة ليست في النصيحة ولكن في اسلوبها ..

أما دعوات محاسبتها التي يطلقها المسؤولين والاعلاميين فهو أمر باطل في الشرع والقانون فالأولى محاسبة من تعرت في المركز التجاري وخالفت الشرع وقيم المجتمع وعادات أهل الإمارات وخدشت حياء الزوار بهذا المنكر العلني ..