هذه القصيدة ألقيت في حفل (لأجلك يا لبنان) في صيف 2006 م جمادى الثانية 1427هـ
تتكرر المآسي في عالمنا الإسلامي فكما نعيش اليوم معاناة أهلنا في غزة فلقد عشنا مآسي كثيرة ومتكررة، فكم هي الصور التي نشاهدها عن مآسي إخواننا في العراق وفلسطين ولبنان وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين، وأحدى هذه الصورة صورة ذلك الشيخ الذي يجلس فوق ركام منزله الذي دُمر ولم يبقى منه إلا أطلال وركام ، فمن هذه الصورة استلهمت هذه الكلمات فأقول فيها :-
من بين آلاف المشاهد والعبر
والصمت يحكي عن معاناة البشرْ
والظلم يشكو بؤس ما قاموا به
حتى البهائمَ نالها فعلُ الغجرْ
والأرض تبكي أهلها وديارها
والطيرُ يشكو ظلمة فيها غبرْ
من بين هذا الهول أبصرتُ الأسى
في وجه شيخٍ لم يجاوزه الخطرْ
وجروحه غطت ملامح جسمه
جسد المجاهد قد تعداه الضررْ
وأنينه هز الفؤاد لحالـــــــــه
وكذا الجوارح من أنين تقشعرْ
فسألته هل لي بقرب أرتجي
مسح الدموع وأستزيد من الخبرْ
مالي أرى حُزناً يلُفُ وشاحه
والهم يعلو في فؤادك يستقرْ
مالي أرى جزعا يشق طريقه
في قلب شيخ عينه فيها شررْ
قال انتظر واسمع فإني صابرٌ
لكنها العَبَرَات تروي من صبرْ
حزني يخفف لوعتي في غربتي
لكنني لا زلت أؤمن بالقدرْ
فحكايتي تروي حكاية أمتي
تروي عن العِبْرات في دنيا العبرْ
تحكي عن الآهات في ثغر الصبا
تروي عن البسماتِ من بين الكدرْ
فأبي شهيدٌ قد تخطته المنى
روّى تراب القدس من دمه العطرْ
و يُعَلِمُ الأجيال أنا أمــــــة
لا ترتضي بالعيش في جوف الحفرْ
وأخي أسيرٌ في الظلام مقيدٌ
ويعلم الأجيال صبر المنتصرْ
أما بنيّ فهم جحافل قد مضوا
في زمرة الشهداء قد طاب السفرْ
عشقوا ثرى الأقصى فرووا تربه
وجفوا مراقدهم وعافوا من غدرْ
وتعاهدوا أن يصدقوا في سيرهم
فجهادهم لله والدين الأغرْ
هذه هي الأقدار من ربي لنا
هذا قضاء الله يجزي من شكرْ
لكنني يا سائلي عن أدمُعي
أنا لست أبكي من قضاء قد قُدِرْ
أنا لست أنعى ذا الشهيد إذا قضى
أنا لست أبكي للأسير إذا أسرْ
أنا لست أعتب من عدوٍ قد بغى
أنا لست أرجو من بعيد ينتصرْ
لكنما حزني على مليارنا
همل غثاء قد تغشها الكِــــبَرْ
باعوا وعافوا كل ما يرقى بهم
هدموا صروح المجد ، باعوا المدخرُ
هجروا كتاب الله من منهاجهم
ورضوا بقانون تُـسَيـِرْهُ البقرْ
ونسوا بأن الدين مصدر عزة
وبغيره ذلٌ وعيشٌ في شــذرْ
قد قالها " ربعيّ " عند غريمهِ
ورقى بها في الناس من فضلٍ "عمر"
إني لأرجوا أن يعيد إبائنا
من بعد نصر الله قلباً مزدهرْ
قلب وعى القرآن في إيمانه
وسعى لنهضة أمة فيها الدررْ
أيقنت بعد سماعه من أننا
لابد يوماً أن نعيد لنا الظفرْ
لابد يوما أن نسطر مجدنا
بدماء عزٍ في معابرها نَمُرْ
أيقنت أنا لن نعيد إبائنــــا
إلا بنصر من عزيز مقتدرْ
رباه فانصرنا على ظلم طغى
وارحم عيوناً هالها طول السهرْ
وامنحني يا ربِ عزيمة صادق
وشهادة أرقى بها ، ولها أفر