ما الذي دفع المعتقل أحمد غيث لأن يقول " أعلم أن ما أقوله قد يكلفني حياتي ولكني أنكر التهمة وأطلب من المحكمة حمايتي وحماية أهلي ، أنا خائف ، أنا خائف ، واشار إلى رقبته وهو ينظر لأحد الحضور بمعنى أنهم سيقتلونني " جلست أفكر طويلاً وأنا أقرأ هذه الكلمات وقلت في نفسي أي تعذيب تعرض له اخي واستاذي المعتقل أحمد غيث طيلة الأشهر الماضية لكي يقول مثل هذه الكلمات وأي وعيد وتهديد تعرض له قبل أن يأتي إلى المحكمة، وفي نفس الوقت أقول أي إيمان يحمله هذا الرجل بالرغم من قسوة وحوش التعذيب ( نعم وحوش فالإنسان لايعذب الانسان وحتى الحيوان لايعذب أخيه الحيوان ) .. هل هو الضرب الشديد أم الاختناق أم الصعق بالكهرباء او خلع الأظافر او التعليق لساعات او التهديد بالاعتداء الجنسي ، او الانفرادي ،او الاضاءة المستمرة ، او الزنازين المتحركة الضيقة ،او المنع من الطعام والشراب ، او او او ... هل كل هذا أو بعضه هو ماتعرض له المعتقل أحمد غيث ام ان هناك أسلوب آخر للتعذيب لم نسمع عنه بعد قد مورس عليه ، فقط لأن هناك من يريد أن ينتزع منه اعترافات غير حقيقية تدينه وتدين إخوانه ودعوته التي تعتبر صمام الأمان لهذا المجتمع ، ولكن أكثر الناس لايفقهون ..! سمعت كلماته من أهالي المعتقلين الحاضرين وبعد ذلك قرأت كلمات الصحفيين الذين حضروا المحاكمة فاحتقرت أنفساً لم تحركها كلمات معذب يستنجد بالعالم ، ويستنجد بالقاضي الذي لم يحرك ساكنا ، فاذا كان السجان ومن يعذب المعتقلين قد فقد ضميره وماتت الانسانية فيه ، والقاضي لم يحرك ساكنا لآلام المعذبين والصحفيين الذين سمعوا بآذانهم لم يتحرك شيء في صدورهم بل بالغوا في تجميل الواقع وقلب الحقائق ، ياترى هل بقي فيهم من ضمائر وهل بقي لمهنتهم من شرف وهل وهل وهل ..... عجيب امر هذا الإنسان الذي يبيع ضميره وانسانيته لأجل رضى من لن ينفعه رضاه ... عندما قال البطل أحمد غيث هذه الكلمات كان موقناً أن هذه الحياة قصيرة وأن كل حي فيها إلى فناء ، فآثر أن يتحمل التعذيب لو فنيت حياته على أن يقول كلمة زور تفقده آخرته وضميره وانسانيته ، وهو مالا يدركه الظالم! ولكن ألم التعذيب شيء آخر يجب أن يتحرك له كل إنسان ، فمن لم تحركه كلمات أحمد غيث واخوانه المعذبين فأعتقد أنه لايملك من الإنسانية شيء ، لأن الإنسانية تقتضي الألم لما يحل بأخيك الإنسان ..! متى يتحرك فينا الإنسان ؟ كم أتألم وأنا أكتب هذه الكلمات في وطن كالإمارات ، أبحث فيها عن انسان تتحرك انسانيته ويستيقض ضميره لكي تنقذ معذبين خلف قضبان الظلم ، إذا لم يكن في الإمارات ففي العالم أرفعها بصوت عالٍ مكلوم "أوقفوا هذا التعذيب .. أوقفوا هذا التعذيب .. وليتحرك فيكم الإنسان "!!