القصة باختصار: " كاتب إماراتي كتب مقالات يستنكر فيها على المنقبات ويجرم تغطية الوجه ويطالب الحكومة بفرض قانون يجرمه بسبب جريمة الريم فجاءته الردود من حيث لايحتسب وثار المجتمع في وجهه وتهجم عليه رفاق الطريق الذين كان معهم في صف واحد ضد أصحاب الفكر والرأي في الإمارات وأحس هذا الكاتب بعدها أنه خسر شعبيته فحتى الأطفال أصبحوا يتندرون عليه ، فخرج علينا اليوم بمقال " الإسلوب العنقودي في تويتر " يتهجم فيه على دعاة الإصلاح حتى يعيد شعبيته من جديد ، لأن الشهرة والشعبية كما يرى أمثال هذا الكاتب صارت اليوم بمقدار ماتطعن في " معتقلي الرأي " في الإمارات "! لايهمني الكاتب ولايهمني مايقوله فكلامه أرخص من الورق الذي كتب عليه ، فعندما تكون في بلد ما وتكون مكانتك وقيمتك وترقيتك وقربك وبعدك بقدر ماتطعن في الذين لايدخلون مزاج المتنفذين في الحكومة فإنك حينها سترى أمثال هذا الكاتب وغيره الكثير .. لن أذكر أسمه فحروفي أرقى من أن تناقش الأشخاص ولكنني سأتحدث عن هذه الظاهرة وهذا المرض الذي يعيشه الإعلاميين والمثقفين في مجتمع الإمارات في مرحلة مابعد اعتقالات الخمسة من أصحاب الرأي في عام ٢٠١١م وتلتها اعتقالات الإصلاحيين في ٢٠١٢م .. سمعت كثيراً حين اعتقال الخمسة في عام ٢٠١١م من بعض المثقفين والإعلاميين أن جهاز الأمن استدعاهم وطلب منهم الكتابة ضد المعتقلين الخمسة حينها ، وزادت الطلبات بشكل أكبر بعد اعتقال دعاة الإصلاح في الإمارات حتى أن أحد المحققين قال لأحدهم مقالاتك هي إثبات لوطنيتك .. ولكن الأمر اليوم تطور بشكل كبير فصارت هناك مبادرات فمن يكتب بناءاً على طلب وأمر أمني مختلف تماماً عن من يبادر بذلك ، والمبادرة ذاتها نابعة من قناعة بأن أسهل الطرق للوصول اليوم هي في الطعن بمن لايدخل مزاج الحكومة من دعاة الإصلاح وأصحاب الرأي في الإمارات .. فبيئة القمع والاستبداد السياسي والرأي الواحد هي البيئة المناسبة لنمو مثل هذه الطفيليات التي تنمو وتتسلق على حساب الآخرين وجراحاتهم ، وفي مثل هذه البيئة تنتشر أمراض المجتمع من غل وحسد وشحناء ومادية بغيضة بين الأفراد ، وينتشر المثل القائل " إذا نجيت أنا وناقتي ما علي من رفاقتي " بل يتحول سأنجو أنا وناقتي على حساب رفاقي إذا تطلب الأمر ، ففي هذه الأوقات يُظهر الاستبداد أقذر من في الإنسان من أخلاق وجشع ووصولية للوصول لأهدافه الشخصية على حساب وطنه ومجتمعه وعلى حساب قيمه وأخلاقه .. الرغبة في تحقيق مكاسب شخصية على حساب أذى الآخرين نقيصة في الإنسان نفسه كما أن إيذاء المسلمين ورد فيه وعيد شديد وعقوبة أخروية قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً). وعن أبي هريرة قال : (قال رجل: يا رسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها. قال : هي في النار. قال : يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصلاتها وصدقتها وأنها تصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها. قال: هي في الجنة). أخرجه أحمد. فالاستبداد ليس مبرر لسوء خلق الإنسان ولكنه كاشف لحقيقة الإنسان.. فهناك من أظهر هذا الظرف الصعب التي تمر به دولتنا أن حقيقتهم ذهب ، وآخرين أسوأ من الحديد الصدأ!