قصيرة هي الحياة ، بسيطة هذه الدنيا ، تافهة أمورها نحن فيها كمستظل تحت شجرة تركها ورحل ، عَمّرْنا فيها الأمل وقضى علينا الأجل ، عِشْنا وكأننا لن نموت ، واليوم نرحل ولا نعود ، صرنا في شغل الحياة الذي لا ينتهي غارقين ، وعلى زينتها وزيفها متسابقين ، فيا الله كم نحن غافلين ، وعن حياتنا الأبدية لاهين ، وبنعيم زائل عابثين ، كم تركنا صلاة الجماعة لأجل الدنيا ، وكم اغتبنا وشتمنا وكذبنا لأجلها ، كم عققنا والدينا لأجلها ، وكم عصينا وتمادينا لأجلها..
يا ترى هل تستحق منا الدنيا كل هذا ؟
هل هي عظيمة لأن نفني لأجلها أعمارنا ؟
ونسخط برضاها ربنا ؟
تأملت في من رحل عن دنيانا من أصدقاء وأحباب ، ومن أقارب وأصحاب ، كيف رحلوا وتركونا فجأة ؟ تركونا مع الذكريات والأحزان ، تركونا من الأمنيات والأحلام ، كم كنا نرسم معهم ونتحاور ، ونضحك معهم ونتسامر ، ونبكي ونتذاكر ، كم رسمنا من الآمال التي كنا نريد أن نحققها معهم ، لكنهم رحلوا وتركوا وراءهم الآمال وتركوا لنا الآلام ، كم تركوا لنا من الذكريات الجميلة التي تؤنس وحدتنا في غربتنا في هذه الحياة ، نتذكرهم فنبكي ! لأننا أحببناهم ، لم لا نبكي وقد بكى رسولنا الكريم ذو القلب الرحيم بكى لوفاة ابنه وقال " إنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون " .
كثيرا ما نفكر ، هل هم الآن سعداء ؟
وعزاؤنا فيهم أن لهم رب غفور رحيم ، يعفوا عن الذنب ويتجاوز عن الزلل ، يقيل عثرة من تعثر ، فيا رب رحمتك نرجو لهم وكريم عفوك أن يشملهم ، وأن تجمعنا بهم في الحياة الأبدية بسعادة ليس بعدها شقاوة ....
وعندما تأملت في حالي ومآلي ، بكيت أكثر وأكثر ... إلى متى سأظل وقد رحل الصغير قبل الكبير ، والصحيح قبل السقيم ، في كل يوم لنا ميت نشيعه ، وقلوبنا لا تحس ولا تتأثر من قسوتها صارت كالحجارة أو أشد قسوة ،،،
لماذا يا قلبي ؟
ألا يكون ذلك دافع لي للعمل ، والسباق في الخيرات قبل أن يأتي الأجل ؟
لم أبكي غيري ولم ابكي لحالي ؟
قد يأتيني الأجل في أي لحظة ، لم أتمادى في العصيان وقد كان لي في غيري عبرة ؟
يا رب أتوب إليك من ذنبي وحسن الختام يا ربي أرجوا ، فلا تضيع فيك رجائي وأنت صاحب الجود والفضل والكرم .